عيادة الطبيب النفسي
دخلت بسمة بهدوء كان واضحاً عليها التعب جلست على الأريكة لم تهتم لترحيب الطبيب
الطبيب: اهلا يا بسمة....
كيف حالك؟..... هل انت مستعدة للمقابلتنا اليوم؟
نظرت له بعيناه المثقلة المليئة بالحزن لتقول بهدوء
بسمة:هل يمكنك أن تخفض صوتك قليلاً..أعتذر لكنني حقا لا احتمل الصوت العالي
الطبيب: لا بل أنا من علي الاعتذار..لم أكن أعلم بالأمر..لماذا لم تخبريني بالمقابلة السابقة؟
تناظر الأرض بعدم مبالاة
بسمة: حاولت ان اتجاهل لكنني لم أستطع
ليجلس امامها ع أريكة أخرى ويضع بعض الاوراق أمامه ممسكاً القلم ليقول بجدية
"لست مضطرة أن تتحملي مالا تستطيعن تحمله"
ابتسمت وكأنها تستهزئ به لم تقل شيئاً لكن ابتسامتها الباردة عبرت عن كل شيء
نظر لها بحزن لوضعها المبكي فتاة تبلغ من العمر خمس وعشرين رأت وتحملت صعاب مازلت لم افهم كيف لم تنتهي حياتها كيف مازال عقلها في مكانه من اين لها هذه القوة
لتقطع أفكاره قائلة بصوتا منخفض
"طبيب مجد هل يمكننا الغاء الجلسة..متعبة اريد الذهاب"
قد الغت الكثير من الجلسات بنفس المبرر واتت بقوة بالجلسة الاولى رغم انها لم تقل شيئاً والآن ستتهرب أيضاً الى متى الهروب الى متى الاختباء يا بسمه
مجد: أعتذر لن استطيع إلغائها ولكنني أستطيع أن أقلل الزمن لأجلك...
لم تجيب عليه
ليكمل قائلاً
"بسمة أريد أن تخبريني عن أشياء تسعدك مهما كانت"
لتجيب بكل فتور
"لا شيء يعجبني"
مجد:أريدك ان تحاولي...تذكري كل منا يعجب بشيء ما مثلاً أنا يعجبني أن أستمع للأخرين وأنت مااذي يعجبك؟"
بسمة:تعجبني القبور....
نظر لها وكأنه يعلم يأنها ستقول شيء كهذا ليسألها
"لماذا؟ لماذا تعجبك القبور ماالذي يعجبك فيها؟"
وبكل بساطه أجابت
"لأن الذي بداخلها قد رحل"
ليفكر بداخله هل تردين الرحيل أيضاً هل تفكرين بالانتحار يابسمة لهذه الدرجه لم تعدي تتحملين
لتقطع افكاره مجدداً قائلة
"أطمن...لن أنتحر"
مجد:لماذا؟
بسمة بإستغراب
"لم أرى في حياتي طبيب نفسي يسأل مريضه لماذا لم تنتحر... "
مجد: والآن بفضلي لقد رأيت شيء لم تريه قبل..
لكنك لم تجيبي لماذا؟
تنهدت وكأنها تعبت من الكلام حتى لتقول
"أنتظر نهايتي"
نظر مجد لها قليلاً فتاة نحيلة متوسطة الطول تضع شالا أسود وترتدي عباية سوداء وجهها تملئه الندوب عيناها واسعة فتاة كأي فتاة اخرى بالعالم لماذا قد تمر بهذه الصعاب؟لماذا لا تمتلك حياة عادية كأي فتاة أخرى؟
لتقف بهدوء قائلة
"علي الرحيل.."
ليقف مجد ايضا
"اليوم سترحلين لأننا قد قللنا المدة اما الجلسة القادمة لن تقلل.."
لتتجه نحو الباب دون النطق بكلمة
وكالعادة بعد رحيل المريض يجلس مجد ويفكر بكلامه وأفعاله وحركات جسده يحاول التفكير بجميع الصفات
ليكلم نفسه قائلاً
"لديها لا مبالاة مخيفة وكأنها لن تخف لو انتهى العالم..
لا تحاول التعايش مع المجتمع...تأتي مجبرة لأجل والدتها..لم تعد ترى شيئاً ينال أعجابها...تنتظر موتها..."
طرقات على الباب تقطع كلامه...لتدخل السكرتيرة قائلة
"حان موعد جلسة عدنان"
ليرتب الاوراق أمامه
"دعيه يدخل"
ليدخل عدنان بكل تألق وثقة بالنفس ... وكأنه ذاهب لحفلة ليست عيادة
مجد يشير له ان يجلس ع الأريكة..
"تفضل بالجلوس..اهلا بك .."
ليجلس مجد على الأريكة المقابلة له
"كيف حالك يا عدنان اليوم؟*
عدنان:الحمدلله كعادة بألف خير... أيامي كلها رائعة
مجد: من الجيد أن تشعر هكذا..لكنك أخبرتني ان والداك بالمشفى.. أظنه انه قد تحسن.."
ليبتسم عدنان قائلاً
"انتم الأطباء تعلمون اكثر مننا بأن من يدخل المشفى لن يعود كما كان وأبي مسن لذلك واضح التوقعات تشير إلى ماذا أليس كذالك؟"
مجد محاولا أن يواسيه
"لا تتشائم هكذا.. لا نعلم ماذا يخبىء لنا الغد..أظن أن عليك أن تتفائل أكتر"
ليأخذ عدنان نفساً عميقاً..ليقول
"كم جلسة بقي لي؟"
يجيب مجد
"لأكن صريحاً يوجد بعد المزيد من الجلسات..هل تشعرك الجلسات بعدم الراحة ؟"
عدنان:لا ليس بعدم الراحه لكنني اشعر بالملل.. هل علي أن أجيبك على كل أسئلتك.. هل تتذكر بماذا أخبرتك بأول جلسة؟"
مجد :تريد أثبات بأنك لا يوجد لك مرض نفسي
ليرد عدنان بثقة
"ذاكراتك جيدة لكنها ليست كذاكرتي..لأنني عندها أكملت قائلاً بأنني لا أريد الكثير من الجلسات..أخبرتك بهذا ألا تذكر؟"
مجد:لماذا لا تريد المزيد هل يوجد شيء قد أزعجك؟
عدنان بتذمر
"ياالهي كم علي أن أكرر كلامي... أشعر بالملل..بالملل أشعر..لم أعد أرى متعة بهذه اللقاءات السخيفة..ولم أعد اريد أن أجيب على اسئلتك..هل تريد المزيد من التوضيح"
مجد متصنعا خيبة الأمل
"عرفتك على أنك رجل ذو أسلوب رائع..لكنني أظن أنك لست بهذه الروعة"
ليقاطعه قائلاً
"لا يهمني ظنك بي...ظن بي كما تشاء..لكنني سأخبرك بشيء ..لدي طريقتي بإستخدام الأسلوب وقد وجدت أن هذه الطريقة التي تناسبك يا مجد.. عفواً يا طبيب مجد"
مع ان طريقة كلامه مستفزة وسخيفة الا أن مجد لم تتحرك مشاعره حتى..بل عكس هذا
رجل ذو الثلاثين من العمر يملك عائلة غنيه تحبه وتفتخر به وتراه كل شيء أما هو لا يهتم برحيل والده حتى كم الامر مؤسف انه لا يشعر باتجاهم كما يشعرون
ليقف مجد متجهاً لخلف مكتبه
"اظن يكفي جلستنا لليوم... القاك الجلسه المقبلة"
عدنان يإنزاعج واضح
"ماذا الذي تقوله.. ألن تعطيني أثبات على أن صحتي النفسيه لا تشوبه شائبه.."
مجد: بالجلسات المقبلة سنعرف ذالك..
نظر له يغضب واضح....ليغادر غاضباً ويدفع الباب بقوة مصدرا صوتاً عالياً
حل الصباح واستيقظ مجد ليحضر نفسه للعمل.. هو من الاشخاص الذين يحبون عملهم كان لديه مهارة الاستماع قوية يسمع الشخص بعناية ودقة دون الملل والتعب مهما كان الموضوع سخيفاً
وصل لمكتبه لترحب به السكرتيرة قائلة
"سأحضر لك القهوة"
يبتسم مجد قائلاً
"شكراً
كان مجد طبيب نفسي مشهور بأساليبه وطريقة علاجه ورمزاً للصبر لطالما تردد اليه الكثير من الناس لأسلوبه وصبره
يهتم بالمريض بكل تفصيله يعلم متى عليه اخبار المريض بالحقائق ومتى عليه تجنبها لفترة..
يحاول جاهدا مساعدة المريض وعلاجه..
ومن جمله المشهورة "المرضى النفسيين..هم ضحايا أنفسهم"
طرقات على الباب..تضع القهوة على المكتب
"تفضل.."
ليرتشف القهوة.. لتكمل قائلة وهي تناظر هاتفها
"لديك اليوم ثلاث جلسات..لكن ابراهيم قد اعتذر لن يستطيع القدوم.."
مجد متسألا
"لماذا؟هل حصل معه شيء"
السكرتيرة
"لم يقل شيئاً سوى انه ظرف عائلي"
لتكمل قائلة
"لذالك لديك جلستان مع نسرين و سليمان
مجد: حسنا... واظن ان جلسة نسرين ستكون الاخيرة.. علي ان ارى وضعها للتأكد
السكرتيرة
"نعم فقد تحول وضعها...اذكر عندما اتت كم كانت حالتها الصحية سيئة اما الان فقد تغيرت وكأنها نسرين أخرى...كل مرة تدهشني بتغير الأشخاص.. ماشاء الله.."
مجد بابتسامه
"هذا عملي..بالطبع يجب ان اعالجهم"
السكرتيره وهي تتجه للخروج
"ومتواضع أيضاً "
كان مجد كعادته ينظر لملف المريض قبل دخوله ويتفحص فترة العلاج وكيفية تحول المريض وكيفية الاستجابة....
ليرن هاتفه...رقم غريب... يرد على الاتصال صوت فتاة شابه
"هل اتكلم مع مجد...الطبيب مجد"
صوتها كان مذعورا وكأنها تبكي
مجد :نعم من انتي؟مابك؟
الفتاة: انا عهد صديقة بسمة..اسمع بسمة لا اعرف مالذي يحصل معها...ارجوك ساعديني..لا اعلم مالذي علي فعله..أخاف ان تفعل شيء...
مجد: مالذي يحصل؟ مابها؟ اين انتي الآن ؟؟
عهد وهي تبكي بحرقة...
" ارجوك أخبرني ماذا افعل... غائبة عن الوعي حاولت ايقظها لكن دون جدوى...أرجوك تعال.."
مجد :ارسلي لي الموقع بسرعه
حمل معطفة و ذهب مسرعاً ...
السكرتيره بدهشه
"الى اين ؟؟الى اين؟؟"
ليتجه نحوه سيارته.. دون الرد حتى وكانه لم يسمعها ليرى رسالتها تحمل الموقع..اتجه نحو منزلها برعب قائلاً لنفسه
"هل هي غبية؟؟لماذا لم تتصل بالاسعاف..او الشرطه..لماذ اتصلت بي...مابها؟؟ "
ليكمل قائلاً
"هل قد يكون أمر سخيف...مزحه ان تتصل كمزحه...لكن صوتها كان يرتجف..."
ليصل للعنوان المناسب ينزل من سيارته وهو يناظر هاتفه رقم الطابق الاول الشقة الرابعه يتجه نحوهم بسرعة..
يطرق على الباب قائلا
"افتحي الباب..بسمه هل انتي بالداخل"
لتفتح فتاة الباب وعيناها تنهمر من البكاء تترجف يدها وهي تشير نحو الغرفة علم انها عهد..
دخل الغرفة ليرى بسمه مستلقية على الارض...شكلها مبعثر..
ترتدي ثوباً أبيض وشعرها الاسود الطويل مبعثر...نظر لها لثوان كان شكلها محزن وجهها شاحب وشفتاه بيضاء...
انحنى ووضع يده على رقبتها يقيس نبضها قائلا
"اتصلي بالاسعاف..بسرعه"
لكن عهد لم ترد بكلمه تبكي بحرقة...
يدير وجهه وينظر لعهد بإستغراب
"ألم تسمعيني ..اتصلي بالاسعاف... نبضها سريع..يجب علينا الذهاب للمشفى"
ليتجه نحوه ويأخذ الهاتف منها بقوة وكأنه نسي ان يملك هاتفا... لتسحبه منه
"لاااا لن نتصل بالاسعااف...لا يمكن افعل انت شيئا فحسب.. أرجوك افعل شيئا..."
مجد وقد فكر بمئات السيناريوهات بعد كلامها
"هل لديها ادوية؟؟اين ادويتها؟؟"
لتركض وتأتي بهم...يرميهم ارض ويبحث عن اسرع طريقة...ليجد حقنة الليدوكايين ... يحضرها ويحقنها بالوريد..
يجلس ارضا ويأخذ نفسا بتعب... قائلا
"كفاك بكاء.. ستتحسن بعد دقائق"
يقيس نبضها مرتا اخرى ليجده ينخفض ببطئ...
يقف ويتجه نحو الصاله ليجلس ت الأريكة...
بعد ان غسلت وجهها تخرج وتجلس على الكرسي المقابل قائلة
"شكراً...."
مجد بدون اي مقدمات
"ماقصتها؟؟"
عهد وقد بان الخوف عليها
"أظن ان من الأفضل ان ترحل الأن....ليس من الجيد أن تراك هنا.."
مجد يكرر سؤاله وكأنها لم تقل شيئا
"ماقصتها؟؟لماذا لم تتصلي بالاسعاف ؟؟مالذي يحصل؟؟"
عهد: لايوجد شيء هي فقط منهكه..لا اكثر..والان رجاء هل يمكنك الرحيل...ليس من الجيد ان تبقى اكثر"
مجد وقد وجد كلامها سخيفاً
"منهكه...هل تسخرين مني؟؟ "
عهد بحزم
"سأتصل بالشرطه ان لم ترحل.. وساروي لهم قصتا ما..لا تدعني افعل أشياء أكرهها..رجاء...اذهب"
نظر لها لثوان منثم ينظر لهاتفه الذي يهتز منذ فترة... سبع مكالمات فائتة رسائل... ليعيد النظر لها
"اتصلي..اتصلي...مالذي يمنعك"
يقف ويتجه نحو غرفة بسمه ليراها قد بدأت باستعادة وعيها يكمل للخارج قائلا
"الان مضطر للرحيل للاسف ياعهد...لكنني أعدك أن أعود"
وبعد طبقي الباب واخيرا عهد تتنفس براحة...
اتجه للعمل وافكاره تتكاثر اكثر فأكثر...
"ماقصتهم...مالذي حصل لبسمة؟؟ لماذا عهد مرعبة لهذه الدرجة؟؟"
كان لكثير من الأسئلة التي لا تملك جواباً
وفي اليوم التالي...
حل الصباح الباكر وبالرغم من البرد الا ان القليل من اشعة الشمس المضيئة تتهرب من الستارة..اما صوت العصافير ياله من ازعاج..
تفتح عيناها بتردد تخبر نفسها
"لا اريد أن أفعل اي شيء اليوم يا بسمه..لا اريد النهوض..لا اريد بدأ نهار جديد...لا اريد"
وبالرغم من انها لا ترغب بفعل اي شيء الا انها مجبرة على الذهاب للعمل..فلم تعد تحتمل تعليقات مديرها السخيفة..
وبعد تردد مع نفسها كالعادة تقوم وتستعد لذهاب للعمل
وكانت عهد ذالك الوقت قد استيقظت...توراد في ذهانها
"لماذا لم تقل شيئاً ؟؟هل لم تذكر مالذي حصل معها امس.."لتقول لها
"بسمه لا بأس بيوم اجازة... أظنك مازلت متعبه"
بسمه بعدم مبالاة
"لا لابأس"
وهي تهم بالخروج يرن هاتفها...كان واضح على عهد الفضول من المتصل ؟هل هو؟؟
بسمة:وعليكم السلام يا امي
الام:كيف حالك يابسمتي؟؟هل مازلت تشعرين بالصداع؟؟
بسمه:اظن انني تحسنت
الام:لقد قلقتني عليك امس يابنتي ..ولقد اتصلت كثيراً لكن دون جدوى...لا تتركيني دون خبر عنك..
بسمه:أعتذر اظن انني وضعته صامت..
الام:لولا صديقتك عهد لما عرفت مالذي علي فعله..اذهبي لطبيب وفهمي سبب الصداعك هذا..
بسمة:حسنا.. اما الان ..علي الرحيل للعمل
الام:هل يجب عليك الرحيل..اظن انك مازلت متعبه..
لم تجب بسمة بشيء هي نفسها تقاوم رغبتها بالبقاء لكنها مازالت مجبرة على العمل ...فلديها مسؤوليات أيضاً
تكمل الام قائلة وكانها علمت ان مهما قالت سوف تذهب للعمل
"حسنا.. ردي على اتصالاتي فحسب.. لا اريد شيئا اخرى"
تخرج بسمه وتطبق الباب..
ارتاحت عهد لعدم تذكرها لامس وعدم ملاحظتها على مجد ولانه المتصل والداتها ولكنها مازلت خائفة ان يأتي...كيف سأخبره ...لن استطيع اخباره.. يجب علي التصرف معه بأسرع وقت..
تعمل بسمة موظفة لادخال البيانات..كان عملها من اكتر الاعمال مللاً وروتيني تجلس لساعات خلف مكتبها البسيط وتنقر على الكيبورد دون الاهتمام حولها...ولم يكن احد يراها حتى..ان اتت او لم تأتي لم يكن لاحد ان يشعر...سوى المدير
وهي تدخل البيانات كالعادة.. ولا تريد سوى الانتهاء من اليوم
يهتز هاتفها مشيراً على استلام رسالة..تنظر له بطرف عيناها ولا تزال اصابعها على الكيبورد..
رسالم من الطبيب مجد
"السلام عليكم..كيف حالك يابسمة؟"
استغربت رسالته بالرغم انها جلسة معه لعدة جلسات الا انه لم يرسل لها رسالة قط..
ولكنها كالعادة لم تبالي...
ليهتز الهاتف مجدداً
"هل يمكنك المجيء اليوم؟..لقد أخبرتك سوف نكثف الجلسات قليلاً.."
"اعرف انك ترين رسائلي...أنتظرك على الساعه الواحدة"
تنهدت بتعب..
لا طاقة لها لفعل شيء..والان عليها الخوض في حوار مع المدير لتأخذ أذنا بالرحيل المبكر..اما عليها الخوض في حوار مع الطبيب لتشرح له انها لا تريد الجدال مع المدير...
تجاهلت الامر...واكملت عملها بهدوء
ليرن الهاتف الأرضي.. تنقل عيناها له..
انه المدير... لترد
"نعم"
المدير : تعالي إلى مكتبي
ويغلق الاتصال
لم يعد اسلوبه يؤثر.. لطالما كان اسلوبه ومعاملته سيئة
لتتجه نحوه مكتبه الواسع
لتشير لها سكرتيرة بدخول..طرقات على الباب ..
"ادخل"
بسمة:لقد اردت رؤيتي
المدير: اجلسي..تفضلي
جلست ع الكرسي مقابله
اخذ نفسا..وكانه يستعد
"اسمعيني جيدا يا بسمه... انا مديرك وليس لي علاقة بحياتك الشخصية..ان كنت مريضة لهذه الدرجة فأظن من الأفضل ان تأخذ وقتا كافيا للراحه...لكنك تأتين متأخرة..تغيبي بعض الايام..انا مدير ولا استطيع ان اتغيب على مزاجي..ان لم تعدي تستطيعي العمل أخبريني فحسب..يوجد الكثير من يريدون العمل مكانك.."
بسمة وهي تنتظره ان ينتهي بفارغ الصبر
"هل يمكنني ان اعرف لماذا تخبريني بهذا..حتى انني لم اتاخر اليوم..ماسبب كلامك.."
المدير:قبل قليل قد انهيت مكالمتي صديقتك عهد..اخبرتني ان عليك الذهاب للعيادة لانك تمرين بفترة صعبة...
لم تقل شيئا لثوان وكأن هذا ماكان ينقصها..
"هل تريد مني ان استقيل..حسنا لك ذلك.."
تعجب المدير لهدوء اعصابها ووضح له بأنها لم تكن تعلم
"لا لم اقل هذا..لا باس سأعطيك فرصة لليوم لأنه واضح أن صديقتك قد تصرفت دون ان تخبرك"
ليكمل
"يمكنك الرحيل.. وانتظر غدا ..لكن من الافضل الا يتكرر هذا"
خرجت واخذت حقيبتها
اتصلت على عهد
عهد: اهلا بسمه ...قبل ان تقولي اي شيء طبيبك من جعلني اتصل بالمدير ..أعتذر
اغلقت المكالمة و اتجهت نحوه العيادة
شعرت بالغضب لكنها اصبحت ممتازة باخفاء مشاعرها
دخلت للعيادة..لم ترى السكرتيرة..فقد اتجهت نحو مكتبه مسرعه...والسكرتيرة تحاول أن تتكلم معها
طرقت الباب ودخلت
ليقف مجد مرحبا بها
"ان خسرت عملي هل سأتعالج بشكل أسرع ؟؟ان علم جميع زملائي بأنني مريضة نفسياً هل سأتعافى من مرضي؟؟"
لتأخذ نفساً وكان لا طاقة لها للغضب والكلام وتكمل
"تعلم جيداً بأنني أتي لهنا لأجل أمي فحسب...تعلم جيدا انني اجبر نفسي بالقدوم لأجلها..لكنك مازلت تمثل وكأنك لا تعرف"
اتجهت نحو الاريكه لتجلس
"هيا أبدأ بإستجوابي..هيا أشبع فضولك أسال ماتريد"
اول مرة يراها تتفاعل ..
"أظن أنني قد اثقلت عليك...لم أنتبه لافعالي..."
ليدخل عدنان مقاطعا كلامه..ومحاولة السكرتيرة في منعه بالدخول..
عدنان وبدهشه
"لديك مريضة..لا اريد أن أضيع وقتها..هل يمكنك اعطائي الاثبات الان"
مجد: لنتحدث لاحقا ياعدنان
عدنان بحزم
"أريد ورقة تثبت ان صحتي النفسيه لا تشوبه شائبه لم يعد لدي وقت..لممطالتك "
لتبتسم بسمه بإستهزاء
"يقول عني مريضة... وهو مازال منكرا لمرضه حتى"
وكأنها صفعته بهذا الجملة ..جمد في مكانه لثوان ..لتتجه نحوه وتنظر له قائلة
"متأكدة بأنك بحاجة لهذه الجلسة أكثر مني"
صفعه اقوى...له
مجد: بسمه أن ذهبتي سأضطر أن أخبرها... لذالك رجاء عودي لمكانك ...
رجعت بمكانها بهدوء
عدنان: كم جلسة علي الحضور لاثبت لناس مريضة بانني لست مثلهم
مجد: اخبرتك وسأكررها لك سنعرف مع الوقت
ليتجه عدنان نحوه الاريكه المقابلة قائلاً
" لنبدأ جلستنا اذن..سأتعاون معك هذه المر"
يتنهد مجد قائلاً
"الا ترى بأنني مشغول الان.."
عدنان موجها الكلام لبسمة
"ليست لدي مشكله بأن اخبرك بأي شيء..فليس لدي ما أخفيه"
لترد بسمه بعدم مبالاة
"لا اهتم بمن يتواجد معنا"
مجد مستغرباً
"هل حقا لا توجد مشكله.."
ليشير كل منهم براسه للاسفل
مجد:حسنا اذن سأبدأ...لكن عليكم معرفة مايتحدثه الاخر سيبقى وهنا ولن نخبر أحدا بحديثه..
وافق على كلامه
ينظر مجد لعدنان
"كيف ترى نفسك اليوم؟*
عدنان بثقة مفرطة
"يوم جميل اخر..بالطبع لانني اتواجد فيه ..ألم ترى تألقي هذا"
وهو يشير الى ثيابه وساعته وتفاصيله...ويكمل قائلاً
"أعلم انه كثير على جلسة لذلك لم اتالق لهذا..فاليوم لدي اجتماع مهم...ومع ان لا ضروري لتألقي لأن مهما أرتدي يصبح جميلاً..لأنني أن من أجمل الثياب..."
لتقاطعه بسمه بملل
"ياله من كلام فارغ... مثلك كمثل أي شخص آخر"
كلامها ازعجه...ازعجه وبشدة
"نعم هكذا تفكر معدومة الثقة...لذالك لن أتجداب معك حتى"
بسمه :يالها من طريقة مثالية لتريح نفسك... بالطبع من لم يتقبل مرضه حتى كيف سيتقبل الاخرين؟؟"
عدنان بغضب
"لست مريضاً...يالك من مريضة مسكينه تعتبر الجميل مثلها"
مجد:حسنا يكفي.. سوف نتحادث لا نتشاجر...
لينظر لبسمة قائلاً
"ما الفرق بين من يعرف نفسه مريضاً وبحاجة لعلاج لكنه لا يرغب وبين من لا يتقبل كونه مريضاً؟؟"
بسمة: لماذا أتعالج مرض أصبح يريحني..اما من لا يتقبله يعلم بداخله جيدا انه مريض لكنه يتجاهل ذلك
عدنان بإستغراب
"مرض يريح...أي مرض قد يريح صاحبه"
لترد بسمة بهدوء
"يريح لانك لم تعد تنتظر أي شيء سوى نهايتك..من المريح ان لا تملك أهداف أو أحلام.."
مرت الأيام مسرعه وأصبحت جلسة بسمه وعدنان بنفس الوقت...كان لها دور كبير في بداية علاج عدنان..بدا يتقبل كلامها..وغضبه قد قل من الانتقادات الموجهة إليه...عدم اهتمامها به...قد جعله هو من يهتم.. وأصبح لا يتغيب عن اي جلسة..أما هي فمازالت تذهب للجلسات لأجل والدتها فحسب..لم يطرأ عليها أي تغييرات...الا ان الطبيب مجد قد انتبه انها بدأت تتفاعل بالكلام أكثر فأكثر...أيامهم تمر بهدوء وبعد كل هدوء يحدث عاصفة...وهذا ماكان يخيف مجد..أن يتغير كل شيء بسوء فهم..
حان وقت جلستهم كالعادة ... أصبح عدنان يأتي الاول دائماً....وبعد دقائق تدخل بسمة.. يتبادلون أطراف الحديث وكأنهم أصدقاء...
ينظر مجد لعدنان متسائلاً
"كيف تجد نفسك في هذه الفترة؟"
عدنان مبتسماً
"بصراحة لم أتخيل أنني أرتاح بالمجيء الى هنا..أشعر بالراحة..أظن...ان مشاعري لم تعد كالسابق.."
لينظر مجد لبسمة مكملاً
"وأنتِ"
بسمه: لاشيء
مجد:ماهو شعور اللا شيء بالنسبه لك
بسمة:لم أشعر بشيء..
عم الهدوء لثوان...لتكمل بسمة قائلة
"لكنني أظن عند معرفتي بشخص نرجسي..يرى نفسه فقط.. وجدت أن الكآبة أفضل.."
ليقاطعها صوت ضحك عدنان.....ليقول ومازلت قهقة الضحك مع الكلام...
"ان يرى نفسه فقط أفضل بكثير من لا يرى نفسه حتى...لكنك بحق تحركين مشاعري...أخبرت نفسي ان كلامك لن يؤثر علي هذه الجلسة ولن أغضب...لكنك بارعة بالكلام فقط ..."
يقاطعه مجد
"عدنان أهدئ قليلاً..."
عدنان: دعني أنهي كلامي... أرجوك...أنسيت انت من اخبرتنا أن نخرج مابداخلنا بصدق... دعني أخرجه...لأنني قد سئمت هذا الوضع..."
بسمه بعدم مبالاة كالعادة
"أخرجه...تكلم أخاف أن ينفجر لك أحد الشرايين"
ليكمل عدنان بإستهزاء..وسخرية
"أنتم الفتيات هكذا...تشعرون بالحزن على أتفه الأمور... من ثم ماذا تدخلون بإكتئاب...وعلى ماذا.."
ينعم صوته مقلداً صوت الفتاة الدلوعة
"يا إلهي اظفري قد انكسر..."
ليقاطعه مجد
"عدنان..لا يمكنك...."
ليكمل عدنان
"لهذا أعلم لماذا مازلتي لم تتكلمي عن نفسك... لأنك تعلمين أن سبب كآبتك هذا هو أمر تافه وسخيف...لكنك تريدين لفت انتباه أكثر..."
ليصرخ مجد
"عدنان يكفي...انت لا تعلم شيئاً.."
بسمة بهدوء
"أظن أنك انتهيت...حسناً دعني أخبرك شيئاً عن سبب كآبتي..
ولدت بمكان لا مثيل له...
عندما بدأت الحياة بالنسبة لي انتهت عند ابي...
عندما بدأت أشعر بالأمان بدأت الحرب..
عندما رأيت الطائرة لأول مرة... ابتسمت لأنها كانت تقترب مننا كثيراً... لأراها تقذف القنابل...
أصوات الناس وصراخاتهم ألماً حفرت في سمعي..
الأراضي تملؤها الدماء..وأشلاء الناس بصمة في عيني..
أول شعور قد تعلمته هو الخوف...
أصبحت لا اراديا اختبئ واضع يداي على أذني عند سماع صوت الطائرة...وهنا لم يكن عمري سوى ثلاثة عشر..
تهجرنا من مكان لمكان.. تعلمنا أن الألم له انواع وليس ألم الجسد فقط كما كنا نعتقد"
كانت تتكلم والغصة في كلامها واضحه..تحول وجهها للأحمر وهي تحاول أن تمسك دموعها... لتكمل بصوتها الذي اصبح ضعيفا يرتجف..
"لكن أتعلم ما المؤلم...بكل هروب لنا كنا نفقد شخصاً...ليتنا بقينا بمكاننا ومتنا معاً...لم تتحمل أمي أكثر من الفقدان وهربتني لدولة..لكنها لم تهرب...خافت علي ولم تخف على نفسها.. عندما بقينا أنا وهي معاً.. افترقنا..كلن منا بمكان...بمعاناة.."
اختفى صوتها تحاول التكلم لكن صوتها لم يعد يخرج...أغمضت عيناها الواسعة..وأخذت نفسا دون ان تنزل لها دمعة..تحارب جسدها لاكمال حديثها..لكنها لم تنتصر عليه...
ينظر مجد لها...ينتظرها ان تخرج مشاعرها...ولكنها بقيت ساكنه لثوان..ليقول مجد
"لا داعي أن تكملي..يكفي...بسمة..توقفي عن كبت مشاعرك.."
لتكمل بغضب ممزوج بإستهزاء.. وهي تضغط بأظافر يدها على اظافرها الاخرى...
"مع الأسف..لم تكسر اظافري...لكنها قلعت من مكانها"
بدأت اصابعها تنزف..ببطئ لقوة الضغط
ركض مجد لها وأبعد يداها عن بعض..
"بسمة... أرجوكِ توقفي...بسمة.."
لتقف و تبعده عنها وتتجه للخارج بخطوات مسرعة
أصبحت الأيام أكثر ثقلاً...مرهقة..
في أحلى اوقات اليوم عندما يحل هدوء وجمال الفجر...جالسة بسمه على السرير مستندة...تناظر السماء من نافذتها التي تقابل السرير....بقيت ساكنه لساعات..لم تشعر بالوقت الذي يمر...
ليفتح باب غرفتها بقوة...عهد وبإنزعاج واضح
"ألا تسمعين صوت المنبه؟؟؟ مستيقظة...بما أنك مستيقظة لماذا لا تطفئينه؟؟؟"
اتجهت نحوه الهاتف بتذمر واطفئته..
لتقل بسمه بهدوء..
"أعطني حبة"
فجأة يذهب النوم من أعين عهد...
"ماذا؟؟ حبة ماذاا؟؟"
بسمة بعدم مبالاة...
"أحقاً لا تعلمين..."
تجلس عهد بذعر...
"مابك؟؟ مالذي تقصدينه؟؟"
بسمة: حبة....للصداع... لألم الرأس..
تنهدت عهد براحه
"حبة للصداع..صحيح..لديك واحدة في درجك.."
لتقاطعها بسمة
"عهد.. أعلم أن لدي..لكنني اريد من حبوبك..لا تجعلني أفعل شيئا لن يعجبك..أتفهمينني؟"
عهد محاولة ترطيب الجو..لتبتسم
"اعلم ان حبوبي أفضل.. حسناً أنتظريني سأحضر لك واحدة"
بعدما تخرج عهد..لدقائق يرن هاتف بسمه..
نظرت للهاتف لثوان..أخذت الهاتف تحاول الابتسام..
الأم: السلام عليكم..
بسمة: وعليكم السلام..
الأم:كيف حالك يا بسمتي..أتعلمين أن من أفضل الأشياء التي فعلتها أنني أسميتك بسمة...كل ما اتكلم معك أبتسم دون أن أشعر حتى... ومع أن والداك لم يكن يريد هذا الاسم..أذكر مدة تشاجرنا لأجل هذا..لكنها أتضح انه يستحق الشجار..
بسمة: فزتي على ابي كالعادة....كيف الوضع عندك؟
الام تضحك..قائلة
"أكنت تفضلين أن تسمي ..أقحوان..ماذا قال انها زهرة..وان كانت زهرة ماهذا الاسم؟"
لم ترد بسمه...
تكمل الأم.. قائلة
"أعلم أنك تمرين بفترة صعبة..أعلم أنك فقدتي الرغبة بكل شيء... أرجوك حاولي أن تستمري... أكملي جلساتك عند الطبيب..لا اريد ان أجبرك على شيء..لكنني لا استطيع أيضاً ان أراك هكذا دون فعل شيء"
أمتزج كلامها بغصة.. لتكمل
"بسمتي..يابنتي...بقيت ِ لي في هذه الحياة...حاولي لأجلي...تعلمين انني لا استطيع العيش بدونك"
تبكي بحرقة...لم تعد تستطيع الكلام..
بسمة: حسنا امي.. سأذهب للجلسات ..لا تحزني فقط...
اما الان علي اغلاق المكالمة
الام بصوتا ضعيف
"سأعتمد عليكِ..حسنا سأعاود الاتصال بك فيما بعد.."
أغلقت المكالمة...ووضعت الهاتف بجانبها..لتقول بصوتا عالي
"أعلم انك خلف الباب..أدخلي.."
تبسمت عهد..لتدخل
"لم اكن أريد أن أزعجكم"
لترمي الحبة امام بسمه..
عهد: كم ان أمك شخص حنون ولطيف...ظننت انها سوف توبخك لعدم ذهابك للطبيب..لكنكم كالعادة تتكلمون بكل هدوء وحب....صحيح ألن تذهبي للعمل اليوم؟
وضعت الحبة في فمها وشربت بعض الماء..لتستلقي وكأن عهد لم تقل شيئاً..
عهد: اتعرفين ماذا..سأحضر لك حبة اخرى..ان مازلت تشعرين بالصداع خذيها..متأكدة بأنها سوف تريحك
لتغمض عيناها ببطئ..قد بدأت تمحو ذكرياتها... وكأنها شخص آخر..رحلت لعالم ثاني...لأول مرة تشعر براحة تامة...
_مجد_
قد انتهى دوامه...خرج متجهاً لسيارته كالعادة..كان كل تفكيره عن بسمه...لم تمر دقيقه الا وهو يفكر بها....وبعد آخر جلسة..شعر نحوها بالسوء...لم يكن يتوقع أن يصل الامر لهذه الحد...وأصبح عدنان يأتي يومياً ليسأل عنها..يريد مقابلتها بشدة...كان يسخر فقط..كعادته..لم يستوعب عقله...انها قد مرت بما قالته...
يتجه مجد لمنزله..يحدث نفسه
"ألم تتحدث والدتها معها؟؟ ألم تقنعها بالعودة؟؟ مالذي علي فعله لأجلها؟ ان ذهبت إليها أكون قد تجاوزت حدودي؟؟ ها أبقى هكذا أفضل؟ مالذي سيحدث يعني؟؟لديها صديقتها بالمنزل أيضاً لا بأس بزيارة طبيب لمريضته
ليغير مساره ويتجه نحو منزلها...
وهو يبرر لنفسه...ويجهز كلامه..
"انها زيارة فحسب...
لن أخبرها أن تفعل أي شيء...سأطمن عليها وأرحل ...لن اتجاوز عندها العشر دقائق...هي مريضتي..بالطبع علي زيارتها"
وصل الى وجهته...وقد بدأ بالتعرق...والارتباك
اخذ نفساً..وطرق الباب...وقف ينتظر...طرق الباب مرتاً أخرى...لكن دون جدوى..اخذ هاتفه وأتصل عليها...لم تجيب..
ومع انه لا يريد الاتصال بعهد ...فقد جبر نفسه واتصل...
مجد: مرحبا.. اريد سؤالك عن بسمه..هل هي في العمل ؟ وأين انتي؟
عهد: لماذا تسأل عنا؟ مالذي تريده؟
مجد: أين انتم ؟هل هي في العمل؟ أجيبي فحسب
عهد بإنزعاج
"لا.. لا ليست بالعمل؟ بقيت في المنزل.. اما انا ان بقيت بالمنزل لن يكون لدي منزلاً بعدها.."
أغلق الهاتف..وطرق الباب بقوة...بدأ يصرخ بأسمها...أصبح الخوف يتسرب بداخله..
أخذ حجراً وبدا بضرب القفل...ضرب الباب بكتفه عدة مرات ..
ودخل ركض نحوه غرفتها ليجدها بنفس حالتها الماضية....مستلقيه على السرير...نبضها سريع...وجهها شاحب..
جميع أعراضها تأكد على أنها مدمنة...
فتحت عيناها بثقل... تعود لواقعها المؤلم ببطئ تنهدت بحزن وكأنها فشلت في قتل نفسها أصبح حزنها اضعاف مضاعفه... لتبتعد عن سريرها متجه للمطبخ فترى ظهر رجلاً جالس
تنظر له مصدومة...لم يكن لديها الطاقة لتصرخ حتى... تحمل السكين بهدوء.....
"من انت؟؟"
من دون أن يتحرك..
مجد: "أخيرا استيقظتِ..اود التكلم معك..."
بسمه: "مالذي تفعله هناا؟؟.... دقيقة دقيقة انتظر"
تتجه لغرفتها بخجل تردي عبايتها وتضع شالا على رأسها...تخرج مسرعة نحوه قائلة
"أخرج من المنزل الآن... هيا أخرج"
يقف مجد وينظر لها لثوان...وكأنه يحاول أن يتأكد من حالتها..تتكلم معه لكنه لم يسمعها يريد ان يثبت لنفسه بأنه خاطئ .. ينظر لعيناها الحمراء...لون بشرتها الشاحب... رجفة يداها... لكن دون جدوى..
لتصرخ بسمة
"أتكلم معك....مابك؟؟"
يجلس في مكانه... قائلاً
"لماذا تعذبين نفسك أكثر؟ لماذا تفعلين هذا بنفسك؟"
بسمة محاولة عدم التأثر في كلامه...
"اسمع عليك الرحيل الان...هنا ليست عيادتك...ارحل...وان كان مجيئك لأجل الجلسات سوف آتي.. حسناً سوف آتي...لذالك أرحل الآن.."
ليضحك مجد بسخرية....
"من اجل الجلسات؟؟ أظن انها لم تعد مفيدة.. حسناً سوف ارحل كما تردين.."
وهو يتجه نحو الخارج ليكمل قائلاً
"سوف أتجه للشرطه...يوجد هنا مدمنة من الأفضل ان يمسكون بها...لا نريد أن يزدادون المدمنون.."
بسمه بعدم مبالاة
"وكأن أول مرة لي اسجن..لا بأس اتجه نحو ماتريد..سأجلس وانتظرهم"
ينظر مجد لهاتفه الذي يرن... يمسكه ويريها أياها...
"أنظري من يتصل...أظن أن علي أخبار والدتك..صحيح هذا هو العقاب الحقيقي لك..."
تنظر بسمة للهاتف..وكان حياتها قد تدمرت بحق...ليست حياتها بل حياة والدتها التي فعلت كل شيء لأجلها....
"ماذا تريد؟"
مجد وقد عرف انه كسر ثقتها بحق... لكنه لم يرى طريقة أخرى
"سأخبرك لاحقاً "
خرج وطبق الباب..
انهارت بسمة على الأرض... تخيلت كيف سوف تشعر والدتها ان علمت ان بنتها التي فعلت لاجلها الكثير الشخص الوحيد الذي بقي لها مجرد مدمن... تعيش لاجل شخص لا يريد العيش... انهمرت دموعها...حزنت على والدتها التي ستبقى وحيدة بحق هذه المرة...
اتجهت نحوه غرفتها رمت عباءتها وشالها على الأريكة واستلقت على السرير بهدوء
لم تكن تفكر بشيء سوى والدتها... طرقات على الباب وتدخل عهد...جلست على الكرسي امامها.. وكأنها تطمئن عليها
"اريد ان اخذ الحبة الثانية"
كانت بسمه غارقة في افكارها وخيالها...
عهد بصوتا مرتفع اكثر
"بسمة.... بسمة اعطيني الحبة الاخرى"
كالعادة بسمة بعدم مبالاة قائلة
"شربتها"
تستغرب عهد بخوف...
"ماذااااا.... اشربتي الحبتين؟؟؟ شربتهم؟؟؟؟ كيف....؟"
بسمة: "لماذا كل هذه الدهشة؟؟لم يرحل الصداع بسرعة.."
عهد تتصنع الهدوء..
"ألم يحصل شيء آخر... هل أنت بخير؟؟"
لم ترد عليها..
"تتجاهليني كالعادة...صحيح تذكرت هل تكلم معك الطبيب مجد؟؟ لقد اتصل بي وسألني عنك..هل حصل شيء ما؟؟"
بسمة: "هل تخرجين أريد أن انام"
لتخرج بإنزعاج واضح
يرن هاتفها اشعار رسالة...تنظر له من مجد
"تعالي صباح غد للعيادة"
جالسة عهد تشاهد التلفاز... محاولة عدم التفكير بصديقتها...لكنها تعد تستطيع اخفاء مشاعرها اكثر..
"يالها من متعجرفة....لم ارى اقبح من حياتها الا الرغم من الجميع يهتم بها....طبيب لديه عمله..معروف...بالطبع سيكون مشغولاً...لماذا يتصل ليسأل عنها؟؟ يااللهي ماهذا كيف له ان يهتم بمثل هذه الفتاة...."
لتسكت لثوان وكأن ذكرياتها تسترجع مواقف عنها...تكمل
"أما والدتها هذه... ما هذا الحب الكبير...مهما حصل معها...مهما فعلت...تكون معها وتهتم بها رغم أي شيء....كيف لها أن تحتملها حتى .... دائما ما تتصل بها وتسأل عنها...رغم انها لا تتصل بوالدتها ابدا.... هل يوجد أم تحب ابنتها بهذه الطريقة...
حتى مديرها بالعمل رغم قسوته..ساعدها...ظننت انه سوف يطردها.. يااللهي كم تجعلني حزينه تخرج ضحية بكل شيء..
لكن بحق كيف تحملت حبتين؟؟ هل أخذتم أم تكذب علي؟
في العيادة جالسة بسمة بهدوء...لتأتي السكرتيرة قائلة
"تفضلي..الطبيب بانتظارك"
اتجهت نحوه الغرفة ودخلت دون أن تنظر له حتى جلست في مكانها المعتاد...تناظر الأرضية... ليجلس مقابل لها وينظر لها بحزن...
بسمة: "أظن أنني أخبرتك أن لا تنظر لي في شفقة..."
مجد: " ألن تنظري لي حتى؟؟"
بسمة: "اين عدنان..دعنا كالسابق نجلس معا"
مجد: "لا اظنها فكرة جيدة...اعتذر لم أكن أعلم أنه سيكون هكذا"
بسمة: "صدقني هو افضل من كثير..على الأقل صادق وصريح"
علم انها تقصده بكلامها...لتكمل قائلة
"دخلت على منزلي...دون أذن حتى...وهددني أيضاً..والأن تشفق علي...مالذي تريده بحق؟"
مجد: "كنت سوف تموتين...أن لم أدخل كنا سوف نراك جثة فيما بعد"
بسمة: "اذن ؟؟؟"
مجد: " أتذكرين عندما أخبرتني أنك لست ممن ينتحرون...أنك سوف تنتظرين نهايتك...هل نسيتِ؟"
بسمة: " صحيح الا تراني انتظرها ...لكن مالذي علي فعله مللت الانتظار...اردت بعضا من التسلية..."
مجد: "لم تكوني تعلمين بأنك مدمنه أليس كذالك؟"
نظرت له بدهشة ..لتعيد نظرها للأرضيه..ليكمل
"اصبحتِ مدمنة دون ان تعلمين...ولكن الأن لم تعودي تستطيعين التوقف أليس كذالك؟؟"
بسمة: " لا اعلم مالذي تقوله...علي الرحيل.. لا اريد التأخر أكثر على العمل.."
مجد: " صحيح... تذكرت ولأجل العمل.....اريد ان أعرض عليك عمل أفضل.."
لتقاطعه
"لست بحاجة شكرا "
مجد: "لا أخذ رأيك ...أخبرك أن تترك عملك وتبدأ بالعمل لدي....سكرتيرتي سوف تترك العمل وأنا لا استطيع العمل بدون سكرتيرة... لذالك من الأفضل أن تعملي معي..."
لتقاطعه بغضب...
"مابك؟؟ لماذا سأعمل لديك؟؟ مالذي تريده؟؟؟ أفضل أن أعمل بأي مكان الا عندك...حقا لا افهمك...مالذي ستجنيه من مريضة نفسياً..هل سوف تهددين الان ان لم اعمل...اذهب اذهب واخبر الجميع... اتعلم شيئاً...حتى وان علمت والدتي بأنني مدمنه سوف تبقى تعاملني بحب واهتمام لن تغضب مني ابدا..سوف تحبني اكثر فأكثر..."
ليقاطعها قائلاً
"وسوف تحزن أكثر فأكثر وتخاف أن تفقدك أكثر فأكثر ومهما تكلمت معك لن تشعر انك بأمان.... سوف تتخيلك بكل الإحتمالات التي قد تحصل لمدمن....سوف تمرض لكثرة القلق والتوتر النفسي الذي سوف تعيشه لها....لن تستطع أن تغمض عيناها فابنتها الوحيدة التي تبقت لها في الحياة..مريضة نفسياً...وحيدة...مدمنة...قد يحدث معها أي شيء..."
لتصرخ بسمة
"اصمت...اصمت ارجوك اصمت...يكفيي..
ارجوك يكفيي هذا"
اول مرة تنهار امامه...اول مرة يراها تبكي بحرقة...اول مرة يرى حالتها هذه....عندها علم ان تنتظر نهايتها لأجل والدتها فحسب....تعيش رغم كل شيء لأجل والدتها...
اتجهت بسرعة الى دورة المياه...كلامه يتكرر في رأسها..دون توقف...غسلت وجهها محاولة أن تتوقف دموعها عن النزول.. لكن دموعها تنهمر أكثر .... تنظر للمرآة...ترى نفسها الضعيفة..المنهارة...
"هل قد... تنتهي امي قبلي؟؟ هل سوف تمرض لخوفها؟؟هل سأكون السبب ... سأكون السبب في.... موتها؟؟؟"
ouioui
قبل 8 شهور
اين التكملت