الحضارة المخفية الفصل الرابع (٣)

July 2024
قصة خيال
قصة رعب
قصة فنتازيا
الحضارة المخفية الفصل الرابع (٣)
68
2
1

وصف القصة

رواية الحضارة المخفية، الفصل الرابع الجزء الثالث.

حول الكاتب

Chaoui mohamed
الفصل الرابع/الجزء الثالث.  
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يتشكل مخرج مفاجئ في المغارة المعتمة، الرعب والذهول يملأ الاصدقاء عند رؤيتهم لهذا المخرج. تخيم الحيرة وجوههم. يتقدم الجميع بحذر وهم ينظرون إلى الفتحة المضيئة الساطعة، يلاحظون أن الضوء قادم من غرفة أو ممر متصل . يتبادل  الاصدقاء نظرات ترددية. يتقدم رستم بخطى ثابتة: "لا مفر لنا سوى المضي قدما! ربما يقود هذا المخرج الى طريق النجاة!".  يتبعه الاخرون بترقب شديد، ينفذون من الفتحة الضيقة الى كهف واسع ومضيء.  يتوقفون مذهولين أمام المنظر المبهر. كهف مليء بتشكيلات صخرية غريبة الشكل، وألوان ساحرة تنبعث من جدرانه." لقد نجونا". يهتف نوح بصوت مليء بالفرح. "هذا الكهف أكثر أمانا كما إنه يقود إلى مخرج". يتجول الاصدقاء في الكهف المذهل مسكشفين كل تفاصيله ومتأملين روعة طبيعته. كان الكهف مليئا بالرسومات الاثرية المذهلة. بحماس وإثارة تفحص الاصدقاء الرسومات الرائعة التي إكتشفوها". هذا أمر مذهل حقا! "صاح نوح وهو يسح بأصابعه برفق على الرسومات الملونة على جدران الكهف.  إنبهر الاصدقاء بالمناظر الغامضة التي تحدثت عن ماض بعيد وحضارة عريقة. أشكال بشرية مجهولة و متطورة تفاجئ العيون المتفحصة". رسومات لأشخاص كانوا يعيشون في سيفار القديمة؟. قالت سولار وهي تخوض في تفاصيل الرسومات المثيرة للاهتمام. "هذا يؤكد ما ذكرته الملكة تينهينان في مذكراتها. كانت حضارة سيفار قديما متطورة بشكل هائل. يعجز العقل عن تصديق أنها وجدت قبل آلاف السنين!"  .   قيس أخذ ينظر بتأمل عميق إلى الرسومات الغريبة التي تصور بشرا يطيرون في السماء. قال بصوت مندهش  " هل كانت هذه الحضارة أكثر تقدما من حضارتنا اليوم؟ إن هذا مثير حقا! ".  فراس اشار إلى رسومات أخرى تصور حربا عنيفة،" انظروا هنا يا رفاق رسومات لمعركة قديمة! ". كانت تحتوي على اسلحة ومعدات حربية لم يروها من قبل، تشير أن سكان سيفار دخلوا في حرب طويلة الامد." يبدو ان سكان سيفار واجهوا عدوا قويا لم يتمكنوا من هزيمته".  قال رستم وهو ينظر بتأمل واسى إلى الصور المثيرة للهلع."إذا كانت هناك حياة في هذه الصحراء ".    إبتسم يوبا بحماس قائلا:"  لا تزال رحلتنا طويلة. أعتقد اننا سنكتشف أشياء مذهلة وأكثر غرابة! ". ازداد حماس الاصدقاء امام هذا الاكتشاف المفاجئ وعلا صوتهم بالإثارة والفضول، إنها رحلة تفتح لهم آفاقا جديدة من المعرفة.
وبعد عبورهم لممر طويل داخل الكهف، وصلت المجموعة إلى هضبة عالية حيث بدأت الشمس في الغروب أمامهم.  أكد يوبا على ضرورة إيجاد مكان للتخييم قبل حلول الظلام. تحاول سولار تحديد موقعهم على الخريطة بدقة: " أعتقد أن علينا الإتجاه غربا ".  قالت بتردد وهي تراقب الأفق المتغير بإستمرار.  صاح رستم بحزم:" حسنا اذن، فلنواصل المسير يا رفاق ".    بدأوا يتقدمون بحذر والرياح متزايدة بقوة.  إصطدمت بآذانهم أصوات غريبة تتردد بين الجبال والوديان،  يرتعبون بشدة وهم يتطلعون حولهم بحثا عن مصدر تلك الأصوات المريبة.  إشتدت الرياح وأخذت تعصف بهم بعنف، الرمال تتطاير وتحجب الرؤية،  متراقصة في الهواء كأشباح غامضة. أومأت الرمال الساخنة تحت أقدامهم بوعيد غامض. فجأة تعثر نوح وسقط على الأرض بقوة.  صاح نوح بألم:"  هذا مؤلم! " يحاول النهوض على ساقيه المرتعشتين. " إنتظروني يا رفاق! ".  صاح نوح بصوت مبحوح لكن الرياح القوية خنقت صوته و بددته في أرجاء الصحراء.  إلتفت نوح حوله في حيرة، لكن لم يجد أثرا لأصدقائه. بدا المشهد كأنه مسرح رعب بلا نهاية، حيث الرمال المتطايرة و الرياح العاتية تؤرق الحواس وتبعث على الخوف."  هذه مشكلة ". همس نوح بخوف،  يحاول ان يصرخ بإستغاثة عالية، لكن صوته تلاشى في عواء العاصفة.  أما أصدقاءه فقد واصلوا مسيرهم دون أن دركوا أنهم تركوا نوح خلفهم،  مندفعين في مهب الرياح العاتية،  بدا المسار أمامهم وعرا ومرعبا. لم يعد بإمكانهم سماع صوت رفيقهم المستغيث في ضجيج العاصفة. فجأة إرتفعت صيحة عالية من الجهة الشمالية:"" يا رفاق، لقد وجدت شيئا مثيرا! ""  . صاح نوح بصوت مليء بالحماس.  " إنه نوح! ". هتفت سولار.  إستغرب الأصدقاء و يقتربون من الصوت بخطوات متسرعة.  وصلوا إلى فتحة كهف غريب،  ينادي عليهم بلهفة:"" هيا أدخلوا! "".  يبادر الجميع بالتقدم نحو الكهف بمشاعر مختلطة من الخوف و الحماس. لكن فجأة، صوت أنفاس خلفهم جعلهم يستديرون ببطء. وهناك كان نوح،  لاهثا وهالك."  أخيرا وجدتكم، ضننت أنني ضعت! ".  النظرات المذهولة على وجوههم قالت كل شيء.  "  ماذا؟ ". هتف نوح بسخرية" هل هناك شيء على رأسي؟ ". همست سولار بخوف."  ألم تكن في الكهف للتو؟، كيف وصلت إلى هنا؟". ثم جاء صوت قيس المرتجف. " إذا كنت هنا... فمن الذي نادانا قبل قليل؟ ".  خيم الصوت الثقيل كغمامة سوداء، تاركا الجميع في حالة من الإرتباك والذهول.  قال يوبا بخوف وقلق:"  ذلك لم يكن نوح، علينا المغادرة حالا! ".  نوح من دهشته، فلم يفهم ما يقصده يوبا، ولما هم خائفون، لكن سرعان ما أدرك أن هناك شيء غير طبيعي في الهواء.  وفي تلك اللحظة، إنبثق صوت مهيب ذو طنين رهيب من داخل الكهف المظلم وهو يصرخ بقوة."" هيا ادخلوا أيها الضيوف، هذا مقام راحتكم! "" ثم يضحك بقوة بشكل مريب.  إرتعش الأصدقاء بشدة، وإرتسمت على وجوههم علامات الرعب والذعر، وفي لمح البصر، ظهر ظل ضخم غطى سماء الصحراء، فإستشعروا دبيب الرعب في صدورهم،  بدون تردد،  بادروا بالفرار بأقصى سرعة ممكنة، والظل يطارد خطاهم بلا هوادة.  " بسرعة! ". صاح رستم بصوت مرتجف."  إنه خلفنا ". وسط الأجواء الصحراوية المخيفة والرياح العاتية.  إنزلقوا على منحدر رملي شديد الإنحدار ليجدوا أنفسهم في أرض جرداء. رفع رستم نظره إلى أعلى المنحدر وقال بصوت مرتاح لاهثا:"  أظنه رحل ".  يسترجع الأصدقاء أنفاسهم بصعوبة بعد النجاة من ذلك الكيان المجهول،  وساد بينهم صمت مطبق،  لا يسمع سوى صوت الصحراء المخيف،  ومع غروب الشمس،  دخل كل منهم إلى خيمته بعد أن أنهكت أجسادهم وأذهلت عقولهم في اليوم الأول الرهيب في صحراء سيفار الملعونة.
معلومات سريعة: 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
©شخصيات: 

•نوح(١٩سنة) يحب المرح الضحك كثيرا و يستمتع بجعل الآخرين يضحكون ويعود ذلك لتعرضه لعدة صدمات في صغره مما جعله يخرج ألمه بالضحك. 

®معلومات مهمة: 

•مذكرات الملكة تينهينان:  لم تكتب الملكة عن اي شيء من اكتشافاتها حول سيفار، كتبت كل شيء عن طريق الغاز او عبارات غامضة تحمل رسائل خفية لسبب مجهول. 

•سيفار:  تبلغ مساحتها ٨٩.٣٤٢ كلم² 

•خريطة سيفار:  حسب خريطة الملكة تينهينان فإن سيفار تنقسم الى منطقتين.  المنطقة السوداء والمنطقة البيضاء. حيث تحوط المنطقة السوداء سيفار من شمالها الى غربها مرورا بجنوبها وتنتهي في شرقها لتعود مرة اخرى إلى الشمال، أما المنطقة البيضاء فتقع وسط سيفار ويعتقد أنها المنطقة الآمنة والتي وصلت إليها الملكة تينهينان وهدف رستم واصدقائه الان الوصول إليها.
سكنت أصوات النسيم الخفي والكائنات الليلية ظلام الليل الكئيب، أصوات الصحراء تنخر في نفس رستم و تدب الرعب في أعماقه. تلك الأصوات الغريبة والألحان الهاجمة من عالم آخر لا تترك له راحة. كانت نومة أصدقائه عميقة في خيامهم، وحده رستم من ظل ساهرا، مستسلما لافكاره المؤلمة. حيث عاد الحلم المتكرر ليطارده، ذلك المشهد المرعب حيث يرى نفسه طفلا صغيرا يراقب اللهب وهو يلتهم منزله ويحرق والديه، وأخاه أهڨار الذي يقبض على جسده الصغير بحنان لينقذه من اللهيب. إستيقظ رستم مفزوعا كالعادة. "لماذا لا تخرج من رأسي؟".  همس بحرقة، كانت الأحلام المروعة تلاحقه بإستمرار، تذكره بالألم الذي عاشه. نهض رستم ببطء و أخرج رأسه من خيمته ليستنشق بعض الهواء، ليفاجأ بأن سواد الليل قد تبدد، وأن الشمس بدأت في الإشراق على الأفق. تطلع إلى السماء الصافية  " لم أشعر بمرور الليل ". ثم إبتسم بحزن" ومتى شعرت أصلا؟ ". يلقي رستم نظرة على خيام أصدقائه الذين مازالوا غارقين في نومهم العميق.  يستلقي رستم على الرمال الباردة، وحيدا في هذا الخلاء المترامي ليغوص في تفكيره، متذكرا المخاطر التي واجهوها بالأمس، ومتساءلا مالذي ينتظرهم في باقي رحلتهم. يفكر في مصير أخيه الضائع، ويتساءل ما إذا كان على قيد الحياة. كانت أفكاره تحوم بين الخوف والقلق، والحزن والتشاؤم،  فقد عاش رستم مايكفي من الرعب والفظاعة في بداية رحلته ليصبح قلبه ثقيلا بالتساؤلات المؤلمة، أفكار سيئة تستحوذ على عقله وهو يتذكر كل ما عاناه مع أصدقائه من رعب وخوف، وكم كانوا قريبين من الموت. كل هذا ينخر أعماقه ويحرق مشاعره.   يراقب الأفق بصمت محاولا إيجاد السكينة داخله، التي لم تعد تزره منذ زمن طويل.  كانت روحه تعانق ظلام الليل الحالك، حتى بدأ الأمل في العثور على أخيه يتلاشى.  تأمل رستم الطبيعة المحيطة به، حيث الرمال الممتدة والسماء الصافية، شعر بالخوف من مصيره الذي لا يعرفه" كيف سننجو من هذا الجحيم؟ ". تساءل بقلب ملتاع وهو يراقب الفراغ البائس."  هل سحبتهم معي إلى هنا لأراهم يخسرون حياتهم؟ ". شعر رستم بالذنب الداخلي."  لن أسمح بذلك، لا يستحقون أن يدفعوا الثمن بدلا مني ". نهض رستم بثبات، واقفا أمام شروق الشمس المتعب.  "  نحن سننجو و سنتحدى كل شيء ".  همس بصوت واثق.  وكما إنبثقت الشمس من بطن الليل، خرج الأصدقاء من خيامهم بوجوه مشرقة بالسعادة والأمل."  صباح الخير يا رستم! ".  هتفوا بحماس. ينظر إليهم رستم بحنان وإبتسم بهدوء:"  نعم، أنا مؤمن بجميع أصدقائي، معا سنتغلب على كل شيء ".  إقترب منه الأصدقاء وسأله فراس بلطف:" ألم تنم طوال الليل؟ " أجاب رستم بنظرة حانية: " لا ولكن راودني كابوس قديم، لذا خرجت لأستنشق بعض الهواء ". لا حظت سولار بعض الدموع في عيني رستم وسألته بحنان:"  هل كنت تبكي؟  "  . وإرتبك رستم وهو يمسح عينيه بحرج: " لا أبدا، دخل بعض الرمل في عيني هذا كل شيء! ".  مازح نوح الجو بفكاهته:"  هيا إعترف أيها البطل، لقد كنت تبكي! ". يضحك الجميع بأمل وسعادة رغم كل شيء،  ثم إستعدوا لإستكمال رحلتهم الصعبة في جحيم صحراء سيفار،  وهم محاطون بالأمل والعزيمة. 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ يتبع..............

التعليقات

إربطوا الأحزمة، بدأت القصة تأخذ منحنى آخر، الفصل القادم مليء بالمغامرة والرعب، والخيال و الحقائق.

الرجاء تسجيل الدخول أو إنشاء حساب جديد لتتمكن من التعليق على القصة

حسابات التواصل الاجتماعي

Logo Tiktok
Logo Twitter
حكاية © 2025.